الأحد، 31 مارس 2013

هل يعي علي الحاج الدرس من قرنق


بسم الله الرحمن الرحيم
هل يعي علي الحاج الدرس من قرنق
في لقاء خطابي بالنادي الكاثوليكي مقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم سمعنا فيه رأي قادة الدولة والحزب وأمناء القطاعات بالحزب حين استنطقوا بين يدي أزمة الاسلاميين ليصبح القوم على قرارات 6صفر الشهيرة التي بموجبها تم حل المجلس الوطني وتجميد أمانة الحزب وبها خرج د.الترابي من الحكومة وكون  حزب المؤتمر الشعبي فيما عرف بالمفاصلة . في ذلك المساء الشتوي التقينا مجموعة من شباب الاسلاميين بولاية نهرالنيل حضرنا من عطبرة خصيصاً لنشهد ذلك اللقاء ،جلسنا جانباً مع المهندس /محمد سليمان جودابي المسئول بقطاع الطلاب الاتحادي حينها والوزير بولاية النيل الازرق الحالي ،بعد أن تبين لنا حتمية الانشقاق سألناه عن وجهته القادمة نستهدي برأيه وما يعرفه علنا نلتزم الطريق الصحيح فكانت اجابته محبطة للعشم الكان فيه حيث قال :( أعاين بي جاي أجد شيخ علي وأعاين بي جاي ألقى شيخ علي ) في إشارة الي الدكتور على الحاج المناصر للشيخ الترابي والاستاذ علي عثمان المساند للرئيس البشير فإنفض الشباب من حوله دون أن يختم حديثه وهم أكثر قناعة بأن جودابي للسلطة أميل ولم يخب ظنهم فيه ،المهم أن موقف الدكتور علي الحاج نائب الأمين العام والاستاذ علي عثمان نائب الرئيس أشكل على كثير من الاسلاميين وأغلبهم إتخذ موقفه من ثقته في أحدهم .
الدكتور علي الحاج خرج مبكراً بعد الانشقاق وفضل الهجرة على ظلم ذوي القربى ،وعاش حياة هادئة يستمتع بالحرية كما قال ولم يكن ناشطاً بالقدر الكافي رغم اصرار د.الترابي على تسميته نائباً له في الحزب الى أن تم إعفائه من هذه المهمة مؤخراً وكان هذا القرار من الترابي محل تساؤل الكثيرين الي أن استبان الأمر أخيراً بمبادرة العليين .مما يعني أن للدكتور علي الحاج موقف جديد لم يرض قيادة الداخل .
أما الاستاذ على طه ظل لسنوات يلتزم قضاء عطلة سنوية منذ العام 1992م لمدة 45يوماً وغالبها الشهر بين لندن وعمان وأنقرة وأخيراً بون يصحب فيها أسرته للنزهة ويراجع هو بعض أحواله الصحية ففي إحدى هذه الاجازات إلتقى في العام 1992م دكتور قرنق بلندن بصورة شخصية وعرض عليه حكم الجنوب في ظل حكومة اتحادية ولكن قرنق استهان بالعرض بعد أن أغرى به الوشاة ليقبل به بعد عشرة سنين وينفصل الجنوب ويخسر قرنق مشروعه (السودان الجديد) ,أما حوار الحاج وطه في بون رغم تأكيدهما أنه كان في إطار إجتماعي إلا أنه أحدث ضجة سياسية اضطرت طه لعقد مؤتمر صحفي والحاج الى لقاء تلفزيوني ليبينا للناس . فطه أكد على اللقاء وما فيه من إعترافات من الطرفين بالمسئولية عن منتهى الأحداث بالسودان وابداء الاستعداد للعمل سوياً من أجل مخرج يسع الجميع بينما أكد الحاج على نقاشهما للمشكل السوداني العام وليس الدارفوري بالذات وأبدى اطمئنانه لصدق النائب في ايجاد الحل واطمئنانه على وحدة ما تبقى من السودان وأن مثلث حمدي ليس الا مشروع اقتصادي تعتمد عليه الحكومة وليس مشروع سياسي يتبناه المؤتمر الوطني لفصل دارفور .
وبالنظر الى هذه التاكيدات من جانب طه والاطمئنان من جانب الحاج نظن أن هذه المخرجات لا يمكن أن تكون نتاج جلسة اجتماعية لعيادة مريض أو ونسة على فنجان قهوة في بلاد الغربة كعادة السودانيين الذين ينسون خلافاتهم بالخارج . فالكتاب الأسود صدر قبل الانشقاق وكان يمثل نذره وعليه يمكن تصنيف لقاء الاستاذ والدكتور حوار الغرب والبحر بين الاسلاميين وهذا يمثل جند داخل البيت الاسلامي هرب من تأكيده الاثنين ليوهمونا بالايمان بوحدة ماتبقى والحرص على المستقبل فأي حل للأزمة الوطنية يرتكز على معالجة قضية دارفور الحالية وهي نتاج خلافات الاسلاميين ولن تحل الا بتجاوز هذا الخلاف ليتفرغ الجميع لحل المشكل الاقتصادي والاجتماعي اما الحلول السياسية تمر بشرط اطلاق سراح المحبوسين على ذمة الحرب في دارفور ومما عرف عن الرجلين عن خبرتهما في التفاوض من اجل السلام نجدهما قد وضعا المنشار على العقده فحل أزمة دارفور وإزالة حالة عدم الثقة بين المؤتمرين والتعاون المشترك لحل أزمة الوطن هي مفتاح الحل ،وهنا نذكر بعرض علي عثمان للدكتور قرنق بلندن بحكم الجنوب والحفاظ على وحدة السودان ليتلكأ قرنق فينفصل الجنوب ولكن هل الدكتور علي الحاج واعي للحظة التاريخية وهو القادر على انتزاع الحقوق وردها لصاحبها لما يملكه من بعد قومي بناه بجهد السنين وبعد اسلامي يمكنه حل أزمة الفرقاء وهو ليس السهل الذي يستغفله الطامعون  فشهادته بصدق النائب وحرصه على الحل لن تأتي بانطباع من جلسة عابرة ولكن يقيني ان هناك حواراً طويلة جرى بين النائبين مؤخراً  أو كثيفاً جرى في بون تم تتويجه بهذه الوثيقة التي يبشر بها الحاج .
عموماً نحن ننتظر العرض الذي قدمه علي عثمان للدكتور علي الحاج ليمثل الضمانة للحل وهل هو عرض إقليمي خاص بدارفور أم حزبي للمؤتمر الشعبي أم خاص بالدكتور علي الحاج؟
م.اسماعيل فرج الله
31/3/2013م

الجمعة، 8 مارس 2013

السلفيون والسياسة


بسم الله الرحمن الرحيم
السلفيون والسياسة
صب إمام مسجد قريتنا جام غضبه على الحركات الإسلامية وهو سلفي وأمير الجماعة بولاية نهرا لنيل وحمل الشيخين القرضاوي والغنوشي ما يجري في المنطقة بدعوتها للحرية وتأصيلهما للديمقراطية ودلل على فشل الحركات الإسلامية في إدارة الدولة في بلدان الربيع العربي وزاد بان فساد الإنقاذ اصدق برهان على ذلك, كما لم ينسى أن يصرف للدكتور الترابي من المعلوم واستدل على ضلال فكر الحركة الإسلامية بجنازة الإمام حسن البنا الذي دفنه ستة أفراد من أسرته قائلاً( بيننا وبينهم الجنائز) وذلك حسب عقيدة السلف  التي تستند على أن كثرة المشيعين تعني صلاح المتوفي وفوزه بالجنة  فتبسم ساخر القرية من قوله قائلاً( الإمام يشهد لنقد بدخول الجنة في إشارة للآلاف الذين شيعوه ).
 كما ورد في الأخبار نية الجماعات السلفية في السودان تأسيس حزب سياسي ، الأمر من ناحية الفكرة ليس جديداً فقد أسس الداعية السلفي الدكتور يوسف الكودة حزب الوسط بل ذهب بعيداً بتوقيعه على وثيقة الفجر الجديد في كمبالا ـ كما لم تخف مختلف تلك الجماعات سندها لحكومة البشير الذي لم يبخل عليها بفتح الخزائن وأفسح لها في  المنابر وبادلته هي بفتاوى عدم الخروج على الحاكم المسلم وان أخذ مالك وضرب ظهرك في سند ديني لمشروع سلطوي مستبد ، وهذا يذكرني كيف استغل نظام مبارك المصري خطاب هذه الجماعات في آخر أيامه ليصدروا له فثاوي تحريم المظاهرات ضده ولم يختشوا بعدها حين نافسوا الثوار في الانتخابات ويزايدوا عليهم بنعيم الحرية التي لم يدفعوا شيئاً من استحقاقها ثم ذهبوا يكفروا منافسيهم ويرهبوا الناخبين بحرمة التصويت للعلمانيين والنار مثوى لمناصريهم ، كل ذلك يدل على أن السلفيين يستطيعون القفز الى النقيض دون الحاجة الى مبررات بل يكفيهم النظر الى كتابي البخاري ومسلم ليخرجوا حديث يستندون اليه في موقفهم الجديد .
ولكن لماذا حزب سياسي سلفي سوداني في هذا التوقيت ؟
فالمنطقة تشهد تغييرات سياسية لصالح الحرية والديمقراطية وصعدت الحركات الإسلامية لسدة الحكم في تلك البلدان  فنظرت السعودية والأمارات العربية لتلك الأنظمة الجديدة بعين الريبة بعد تنامي النفوذ القطري هناك مستنداً على دعمها للثورات الشعبية ضد الأنظمة البائدة ,فلم تفكر السعودية والأمارات كثيراً في دعم الثورة السورية وساعدها في ذلك الخلاف المذهبي مع نظام بشار وتدخل إيران وحزب الله لحماية بشار من السقوط ولكن ما كان لها ان تفعل غير ذلك لو كان الحاكم سني فقد وعت السعودية درس ليبيا بينما كان القذافي ألد أعدائها,ولم تنل نفوذاً بعد إسقاطه في النظام الجديد لموقفها المحايد من الثورة في ليبيا , فالسياسة السعودية والخليجية غير القطرية هي التدخل المباشر في الأوضاع السياسية بالمنطقة لتحد من توسع غريمتها قطر . فالوضع في السودان لن يخرج من اثنين اما اسقط النظام بالثورة الشعبية او بالثورة المسلحة أو استطاعت الضغوط الخارجية النجاح في فكفكته لصالح الديمقراطية وفي الحالتين تحتاج السعودية وقطبها من الجماعات السلفية الى فرز ارتباطها مع النظام وذلك سيكون أولاً بفك التحالف شبه المندمج مع المؤتمر الوطني الحزب الحاكم وتأسيس حزب يكون أولاً أقرب الى النظام ثم يتباعد عنه بقدر تقدم أجل ذهابه  فإن أسقط تقربوا الى الثوار وان فكك كانوا الى المعارضة أقرب وليزيحوا عن كاهلهم كلفة تحمل مساوئ نظام البشير ويكونون بذلك أكلوا خيره وتجنبوا شروره . هذا بالنسبة للجماعة داخلياً. أما ممالك الخليج فهي ستكون في وضع أخلاقي حرج حال تصاعد التيار الإسلامي في المنطقة وهو ينافس خصومه على السلطة بالديمقراطية وبتداولها بالطرق السلمية معهم وسيسقط نقاب الدين الذي يغطي فساد أنظمتهم فهم أصلاً متوترون من ديمقراطية إيران فالبسوها مخاوف طائفية الشئ الذي لن يتوفر لهم في البلدان السنية كمصر مثلاً ، بالتالي هم يحتاجون لواجهة سياسية تتوافق مع فكرتهم القائمة على سكوت الشعب عن ظلمهم بحجج دينية تتصاعد هذه الواجهة على حساب الحركات الإسلامية الليبرالية التي تؤمن بالديمقراطية مسلكاً لتحقيق الشورى , فهي منذ الآن تقول أن الحرية مضبوطة وهي وسيلة لتحقيق العيش والكريم والرفاهية وهما مناط الدين كيفما تحققا ليفرغوا الدين من محتواه الأخلاقي ليصير برنامج اقتصادي لمجتمع الرفاهية ثم يقصون خصومهم بفتاوى دينية على شاكلة من يرفض تطبيق الشريعة كافر أو من يخالف الحاكم المنتخب فاسق وهكذا حتى تجد الأنظمة الجديدة المنتخبة نفسها في صراع مع القوى المدنية يشغلها عن ترسيخ الديمقراطية في المنطقة وللأسف القوى المدنية نفسها في تونس ومصر بلعت هذا الطعم ودخلت في مناكفة مع الأغلبية في صراع نتيجته المناداة للجيش بالتدخل لحسم الفوضى وحفظ الأمن وتوأد الديمقراطية قبل أن تتم دورتها الأولى كما حدث هنا في السودان عام 89 وتتنفس السعودية والملوك من حولها الصعداء .
فالسلفيون في السودان أمامهم خياران إما الانضمام إلى حزب الكودة الأقرب إلى الكويت أو تأسيس حزب مستقل وهذا الراجح فالسعودية لن تقبل أن تكون رديف للكويت وهي مركز الجزيرة العربية فهي تحتاج إن تستقل بنفوذها ولا ضير إن تبعها الآخرون , ولكن للأسف هكذا حزب سيعاني كثيراً في السودان فالحركة الإسلامية لها تاريخ طويل من العمل السياسي استغلت في هذه الجماعات لسندها وأصبح خطابها متجذراً في الشارع السياسي ,والحزبين الكبيرين يقومان على قاعدة دينية من الأتباع وستخدع هذه الجماعات كثيراً لو ظنت علو صوتها وقبول الناس لها قاعدة انتخابية فهي لن تنال أكثر من 5% من مجمل أصوات الناخبين . كما إن طبيعة المجتمع السوداني الصوفي ونضوج التيارات العلمانية وتعاطيها مع الخطاب الديني سيصعب مهمة الحزب السلفي الجديد فتحالف الشعبي الشيوعي وتحالف قوى الإجماع الوطني سيحاصر أي خطاب متشدد أو فثاوي تكفيرية .  
والتيار السلفي تيار مصنوع برغبة من السلطان ليحمي به كرسيه ويقوي به مبررات بقائه فتكوين حزب سلفي ليس تطور طبيعي لحركة دعوية انتشرت وقوي عودها لتمارس السياسة لتمكين مفهومها بل هو استدعاء جديد لخطابها وفق مطلوبات المرحلة رغم كفر دعاتها بالخوض في وحل السياسة ولكن لابد من تاسيس هذا الحزب تلبية لرغبات ربها في مملكة بني سعود.


م. إسماعيل فرج الله
2/3/2013م

ماذا يريد الترابي ولماذا ينتظر الاسلايون


بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا يريد الترابي ولماذا ينتظر الإسلاميون؟

د. الترابي ظل شغل الساحة السياسية منذ اعتلائه منصة الثورة الشعبية في أكتوبر 64 التي أطاحت بنظام الفريق عبود ، مما ساعده من حسم صراع قيادة الحركة الإسلامية فانتصر تيار الترابي الداعي الى الانفتاح والعمل الجماهيري فظل الشيخ ثائراً لا يهدأ ،وقفز وثبات عالية بسير تطور وكسب الحركة الإسلامية مما عرضّ كثير من عضويتها للتساقط وتياراتها للانشقاق وكان أشهرها انشقاق غريمه الأستاذ/ صادق عبد الله عبد الماجد و الدكتور الحبر يوسف نور الدائم إثر موقفهما من المصالحة مع نظام نميري في العام 77 .
د. الترابي ظل يعمل بلا راحة أو وقفة للمقاربة والمراجعة مما جعل رصيد المتساقطين قبل الإنقاذ يتكدس   والمهمشين بعدها يتراكم خصوصاً أعضاء هيئة الشورى الذين تم توزيع المصاحف لهم بعد نجاح الثورة وأعضاء الأمانة العامة والمكتب السياسي الذين لا يعلمون عن الانقلاب شيئاً كما استقوى المتنفذين بالسلطة عليه فأصابه الإحباط والتعب وهو يرى ثمرة جهده ينوء حملها بشمولية في الحكم وفساد في الإدارة ، فكانت المفاصلة لحظة الحقيقية مع نفسه ولحظة المفارقة مع نهجه السابق بالاستئثار بالقيادة وجمع الأعوان من حوله فخرج عن المؤتمر الوطني وحيداً لا يشير بشي لإتباعه حتى أغرى ذلك نائبه ليقول لن يبقى مع الترابي غير قلة تؤانسه ، ولكنه كان مهموماً بقياس ردة فعل  قواعده فكل التاريخ يبشر بصراع دموي بين الشركاء السابقين اذا عرف حجم التدريب والاستعداد للقتال من خلال العمليات الحربية في الجنوب ، وعبرة الفتنة الكبرى في صدر الاسلام حاضرة . بينما ظل الترابي يذكر بها ويحذر من عواقبها ويظهر قلقه من القادم. وبالأخير أعترف الدكتور حسن مكي بشهادته أنه لولا حكمة الترابي لأقتتل شباب الإسلاميين . ولكن الإسلاميين خيبوا كل التوقعات المتنبئة باقتتالهم ، وكان انعطاف قدر كبير منهم جانب شيخهم واختيارهم طوعاً ترك السلطة والالتزام جانب الحركة مما شجع الشيخ على تكوين حزبه المؤتمر الشعبي الذي ظل حاضراً في حراك المعارضة لإسقاط النظام . الشئ الذي أعاد للترابي روح الثورة والتحدي من جديد فعدل عن مراجعاته ، وعكف على تفسير القرآن وكتابة أفكاره في السياسة الشرعية ، وأخر إفاداته على المسلك الحركي والسياسي مما جعل القيادة في الشعبي تعيش في حالة توهان ، فهي فاصلت بناءاً على موقف أخلاقي ،تمثل في التزام النظام الأساسي للحزب ، ووفاءها لعهد دستور البلاد رغم بعدها عن حقيقة الصراع القيادي حول السلطة ،والإيفاء بتعهداتها تجاه الحركة الإسلامية . فظلت هذه النخبة تحاول التقرب من د.الترابي علها تحظى بما يشفي غليلها من توضيحات أو الإطلاع على الاستراتيجيات ،ولكن كلما تصعدت في القيادة كلما تهاوت متساقطة .إما مسترجعة للمؤتمر الوطني مثل الأستاذ:محمد الحسن الأمين والدكتور:بدرا لدين طه وآخرهم نائب الرئيس /الحاج آدم يوسف . أو هاجرت مغاضبة الي الحركات المسلحة مثل الأخوين (خليل وجبريل )إبراهيم وسليمان جاموس وكثر من قيادات الشباب والطلاب .فاستمات الترابي يواصل مشواره بحيث يكون حزبه جماهيرياً يتطلب الشفافية وفي هذا لم تزعجه الأجهزة المزروعة في مكتبه للتصنت عليه التي كشفها أخيراً ولم  يوتره المتعاونون مع النظام من خاصته  مع معرفته المسبقة بهم  ولم تربكه صداقات قياداته مع أركان النظام ولكنه أحتفظ تكتيكياً بتفويضات يلجأ اليها حيث الضرورة . هذا الوضع جعل كثير من المجموعات داخل الشعبي تعلي صوتها تطالب بإصلاح الوضع داخل الحزب وتنشيط مؤسساته ، وفي هذا يحضرني  لقاء مع الاستاذ/حسين خوجلي وهو أحد قادة الرأي ومثقفي الحركة الإسلامية التي تنكر لها وقال( هو شعبي ويدين للترابي فقط.) الذين كان مرجو منهم عمل عصف ذهني يخرج قواعد الحزب من حيرتها ، وكان النقاش  حول جدوى الحوار مع المؤتمر الوطني وموقف الحزب منه وحق القواعد في المبادرة والتلاقي على كلمة سواء علها تكون مخرجاً للراهن السياسي المأزوم . وكانت الفاجعة فيه كبيره من تلخيصه للوضع مما أدخل في نفسي يأساً أغالب مجهداً للخروج منه لتصويره للإسلاميين في الحكم بالانتهازيين الذين يسمح لهم البشير بفعل كل سيئ حتى نهب المال العام والسكوت عنهم ، ومد لهم حبل السلطة بقدر، فهم مجرد مراسيل وأي تمدد خارج هذه المساحة يكون الحسم العاجل نصيبهم (وليس قوش عن هذا ببعيد).
بينما قنع أتباع الترابي وأنصار الشعبي من القسمة بالتسليم الكامل للشيخ ترجوه أن يحل المعضلات وينهض بالمشروع من جديد لذلك تجدها متحمسة في تنفيذ التكاليف بلا تردد أو تساؤل وكما قال الأستاذ حسين خوجلي :( المشروع مشروعه والحركة حركته فهو الذي علمنا في أمريكيا وبريطانيا ونحن أبناء الفقراء أتينا من الريف  ونعرف بعضنا بعضاً ونعرف أيضاً ود الداية البنا عمارتين وود العامل البقى وزير ،وجنا المزارع البقى والي والرعاوي العمل شركة والمحامي رئيس المجلس الوطني   ) ثم حكي قصته الشخصية ، كيف هو وإخوته يبيتون الليل وهم يتناوبون طشت الغسيل فالغيار واحد ليصحوا على أسبقية المكوة ونفخ الفحم مع الفجر . ثم قال ها أنتم ترون كيف أصبحنا من أصحاب المليارات وملاك الشركات وهو يشير الى قناته (أمدرمان) حيث كنا جلوس في مكتبه الفخيم . هذا الحوار مع الاستاذ :حسين جعلني أحس بالدوار كلما رأيت قيادياً في الشعبي يتحدث عن الحرية والمؤسسية ويزيد بالتمسك بالشفافية وأكاد أقيئ عند سماعي لخطاب مسئول وهو يتحدث عن الحكم وعدالته والتنمية ويوعدنا بالرفاهية ، ولكني أفيق على سوداننا الذي انقسم ،والحرب في دارفور تشتعل والجيوش على الحدود مع الجنوب تحتشد وفقر في الشرق يستشري،  والمرض (السرطان والفشل الكلوي) يفتك بمن تبقى من المواطنين .
بينما الشعبي والوطني يصطرعان ، فقيادات الشعبي ينكرون على وزراء الحكومة ومستشاريها العمارات العالية والزوجات المتعددة وهم لا يفوقونهم الا في كثرة العدد . فيذهب أحدهم الى أخاه في البنك يوقع عملية استثمارية ثم يزور آخر في مكتبه ليعين له إبنته في شركته أو مؤسسته ، ثم يذهب الى المركز العام للمؤتمر الشعبي نهاية اليوم يحدث عن النظام وبطشه والحكومة وفسادها ويختم يومه بزيارة بيت الشيخ بالمنشية مساءاً ليؤكد ولاءه ويجدد موقفه بمفاصلة النظام . والشيخ بعلم بكل ذلك ويشير اليه تلميحا وصراحة ان لزم الأمر .
ولكن السؤال ماذا يريد الشيخ من كل ذلك . فالمشروع إنهار والنهاية كارثية فالحروب تشتعل والسودان يتمزق والحكام في غيهم يعمهون .وبين سلطة الوطني وفساد نظامه ومعارضة الشعبي وضعف هياكله يموت الآلاف ويشرد الملايين والإسلاميون ينظرون . فماذا يرجون ؟ فلا مهدي منتظر ؛ ولا مسيح عائد.

م.اسماعيل فرج الله
16/02/2013م
السيد / م.اسماعيل فرج الله  المحترم
حفظه الله ووقاه شر ما يخشاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
في البدء اشكرك على مقالك المنشور اليوم الاحد 17 فبراير 2013م بالراكوبه المعنون بماذا يريد الترابي ولقد وفيت وكفيت ووضعت كثيرا من النقاط على الحروف ونسال الله ان يجزيك خيراً ويكثر من امثالك في كشف الحقيقة . ونتمنى من كل شخص لديه معلومه ان يدلي بدلوه لعلى الله يكشف عنا هذه البلوى التي خيمت على سودان المحبة والمحنه و التكاتف والتعاطف .
اخي الفاضل لي بعض الملاحظات على هذا المقال الجميل اود الاشارة اليها لبذل المزيد من البحث حولها لتبيان الحقيقة والتي يمكن ان نملكها للجيل القادم دون لبس وهي التالية :
اولا :  الانشقاق الاول
قلت في مقالك ان (الانشقاق وكان أشهرها انشقاق غريمه الأستاذ/ صادق عبد الله عبد الماجد و الدكتور الحبر يوسف نور الدائم إثر موقفهما من المصالحة مع نظام نميري في العام 77 . ) لم يكن هذا الانشقاق سببه الرئيسي المصالحة مع نظام نميري انما سبق المصالحة بسنوات منذ تاسيس جبهة الميثاق بتزعم الترابي لتنظيم جديد بعيد عن جماعة الاخوان المسلمون وتامر الترابي ومجموعته ضد السيد / الرشيد الطاهر بكر ليس ببعيد بالاضافة الى اجتماع العيلفون الشهير والذي اتهم فيه دكتور جعفر شيخ ادريس  دكتور الترابي بتهم خطيرة جداً وهي ( الماسونية ) حسب زعمه وما توفر له من معلومات وقتها واحدث ذلك هزت كبيرة في ذلك الاجتماع ... ودكتور جعفر شيخ ادريس لازال على قيد الحياه ويمكن مراجعة اقواله وتتبع مساجلاته وتحديه للترابي للمناظرة في ايام الانقاذ الاولى في جامعة الخرطوم واعرض دكتور الترابي عن المواجهة  وكذلك الرجوع لافادات شيخ صادق عبد الماجد في اسباب الانشقاق وكذلك الرجوع لموقف دكتور محمود عبد الله برات ( هذا بيان للناس ) وموقفه من الترابي  كل ذلك يبين الاسباب الحقيقية للانشقاق ولم تكن المصالحة مع نظام نميري فقط هي سبب الانشقاق كما يقول الاستاذ ياسر جاد الله عضو جماعة الاخوان المسلمون في ندواته ومقالاته بالجامعات ايام نميري لذا وجب التنويه والاشارة 0 و هذا لا يقدح في مقالك الجميل هدفا ومضموناً ولكن لتمليك الحقائق للاجيال القادمة بالتفصيل لذا كانت هذه الاضافة 0
ثانياً المفاصلة الثانية مع الانقاذ ( جماعة القصر وجماعة المنشية )
قلت في مقالك  (  فكانت المفاصلة لحظة الحقيقية مع نفسه ولحظة المفارقة مع نهجه السابق بالاستئثار بالقيادة وجمع الأعوان من حوله فخرج عن المؤتمر الوطني وحيداً لا يشير بشي لإتباعه حتى أغرى ذلك نائبه ليقول لن يبقى مع الترابي غير قلة تؤانسه ، ولكنه كان مهموماً بقياس ردة فعل قواعده فكل التاريخ يبشر بصراع دموي بين الشركاء السابقين اذا عرف حجم التدريب والاستعداد للقتال من خلال العمليات الحربية في الجنوب ، وعبرة الفتنة الكبرى في صدر الاسلام حاضرة . بينما ظل الترابي يذكر بها ويحذر من عواقبها ويظهر قلقه من القادم. وبالأخير أعترف الدكتور حسن مكي بشهادته أنه لولا حكمة الترابي لأقتتل شباب الإسلاميين . ولكن الإسلاميين خيبوا كل التوقعات المتنبئة باقتتالهم ، وكان انعطاف قدر كبير منهم جانب شيخهم واختيارهم طوعاً ترك السلطة والالتزام جانب الحركة مما شجع الشيخ على تكوين حزبه المؤتمر الشعبي الذي ظل حاضراً في حراك المعارضة لإسقاط النظام . الشئ الذي أعاد للترابي روح الثورة والتحدي من جديد فعدل عن مراجعاته ، وعكف على تفسير القرآن وكتابة أفكاره في السياسة الشرعية ، وأخر إفاداته على المسلك الحركي والسياسي مما جعل القيادة في الشعبي تعيش في حالة توهان ، فهي فاصلت بناءاً على موقف أخلاقي ،تمثل في التزام النظام الأساسي للحزب ، ووفاءها لعهد دستور البلاد رغم بعدها عن حقيقة الصراع القيادي حول السلطة ،والإيفاء بتعهداتها تجاه الحركة الإسلامية .  )
وهنا نقول بما توفر لنا من معلومات ان هذه المفاصلة لم تكن بناء على موقف اخلاقي كما ذكرت وانما على مصالح شخصية بحته وانتصاراً للنفس وكبريائها ولم يكن كذلك حرصاً على الحكم الاتحادي والشورى وما يروج له من احاديث منمقة لوضع المساحيق على الوجوه لتغبيش الوعى لهذا الشعب المقلوب على أمره للعودة مرة اخرى بشعار الدين الكاذب والعدل المفترى عليه 0
ثالثاً : افادة حسين خوجلي
قال الأستاذ حسين خوجلي :( المشروع مشروعه والحركة حركته فهو الذي علمنا في أمريكيا وبريطانيا ونحن أبناء الفقراء أتينا من الريف ونعرف بعضنا بعضاً ونعرف أيضاً ود الداية البنا عمارتين وود العامل البقى وزير ،وجنا المزارع البقى والي والرعاوي العمل شركة والمحامي رئيس المجلس الوطني ) ثم حكي قصته الشخصية ، كيف هو وإخوته يبيتون الليل وهم يتناوبون طشت الغسيل فالغيار واحد ليصحوا على أسبقية المكوة ونفخ الفحم مع الفجر . ثم قال ها أنتم ترون كيف أصبحنا من أصحاب المليارات وملاك الشركات وهو يشير الى قناته (أمدرمان)
هنا اتحدث بما يمكن ان يكون سؤال اذا كان الترابي قدم كل ذلك لحوارييه طوال عهد نظام النميري  وارسلهم لامريكا وبريطانيا وهم ابناء الفقراء حسب افادة حسين خوجلي اذن ماذا فعل الترابي لاهله وخاصته من عشيرته او ابناء عموميته او اشقاءه او ابناء قرية الترابي او محلية الكاملين وماذا كان اثر الترابي في ولاية الجزيرة ماذا قدم لهؤلاء ؟ سؤال برئ ومشروع قد يقول قائل ذلك يحسب له بانه انسان قومي لا يعرف القبلية والجهوية .... جميل هذا التبرير اذن ماذا يسمى التركيز على الموالين له في التنظيم بالمساعدة في الوظائف والدراسات بالجامعات الامريكية والبريطانية وتقلد المناصب العليا في الدولة !!!  الم يكن من عشيرته من هو موالي له وفي تنظيمه الم يكن من قبيلة الترابية من هو منظم في جبهة الميثاق والجبهة الاسلامية وحقبة الانقاذ لماذا لم يساعدهم وفيهم من هم حملة شهادات عليا !!!  لماذا لم يقربهم اليه ليكونوا خط دفاعه الاول في حمايته من جور الزمان والسلطان .. اين الذكاء اين الدهاء الذي اشتهر به . اين موقفه من ( خيركم خيركم لأهله )
هذا السؤال لايعني انحيازه ليملكهم حق غيرهم ولكن التحقق من ذلك يؤدي لمعرفة من هو دكتور حسن عبد الله الترابي الحقيقي الذي لم يساعد مريض في سفر او علاج ولم يساعد يتيم في دراسة او لقمة عيش كريم ولم يبني مركز صحي او مدرسة أو جامع ( حسب ما يدعون  00 نحن للدين فداء فليعد للدين مجده  كيف للدين يقام مجد وانت لم تبني مسجد أو خلوة لتعليم القرآن بقريتك وتتدعي نشر الاسلام في العالم  )  يتطلب الامر البحث عن دكتور الترابي وسط اهله وعشيرته واخوته ورائ والده العالم الشيخ عبد الله الترابي في اقوال واجتهادات ابنه حسن الترابي  وكل ذلك متوفر لمن يبحث عن الحقيقة فليذهب الى قرية الترابي في زيارة لا تتعدى ساعتين من العاصمة الخرطوم وعندها تجد ان اهله ذهبوا الى السيد / محمد عثمان الميرغني شيخ الطريقة الختمية  ليضع حجر الاساس لمسجد العارف بالله الشيخ حمد الترابي النحلان  جد دكتور الترابي شخصياً وذلك ايام حكم سوار الدهب وهو لم يساهم في اعادة بناء ذلك المسجد او اي من المساهمات الكثيرة بالقرية  الم يدعو ذلك للسؤال لماذا ؟؟؟ هل اجدى وانفع للاسلام بناء المساجد والخلاوي ام ارسال جماعة التنظيم للدراسة بامريكا وبريطانيا ليرجعوا لنا بفهم جديد للدين الاسلامي يؤدي للفتنة بين الناس وترابطهم ويؤدي لفصل الجنوب ويؤدي للوضع الحالي في السودان من احتقان في جميع اجزاء الوطن والتوقع بما هو اكثر من ذلك 0
يا اخي الفاضل  والله العظيم اني لمعجب بمقالك ولم تكن سطوري هذه نابعة عن نقد بل اضافة بسيطة لحروفك الجميلة هذه واتمنى ان تعتبر ذلك تعبير عن شكر وامتنان 0
وجزاك الله خيراً

ود ننه الترابي