الأربعاء، 21 مارس 2012

كمال عمر الفاقع مرارة الانتباهة

بسم الله الرحمن الرحيم
كمال عمر الفاقع مرارة الانتباهة
غامرت الحركة الاسلامية السودانية ممثلة في حزب الجبهة الاسلامية القومية ثالث قوى الجمعية التأسيسية الحزبية حينها بانقلاب والاستيلاء علي السلطة مضطرة بعد مذكرة الجيش الشهيرة وجملة أحداث جعلتها تنقلب علي الديموقراطية. ولكن لايمانها بالحرية والشورى والعدالة القائمة علي تمكين الدين في الحياة العامة أخذت موثقاً من قادة الانقلاب العسكري برد السلطة للشعب بعد جملة تدابير تتخذها لاعادة العافية للبلاد والحياة السياسية فيها.
ولكن القيادة العسكرية وبعض قادة الحركة الاسلامية المدنيين استهوتهم السلطة وتمسكوا بها حكماً جبروتياً ضيق علي الناس حرياتهم ومنع النشاط السياسي الذي ما جاءت الثورة الي لعافيته واعادة التوازن له في خيانة صريحة لبرامج الثورة وعهد الحركة الاسلامية الذي أخذته عليهم .مما جعل الدكتور/الترابي الأمين العام للمؤتمر الوطني يتبرأ من هكذا حكم تائباً الي الله صادحاً للحق أمام الشعب في شجاعة نادرة عاملاً لاصلاح الوضع بمعارضة النظام المتمكن من السلطة فانحازت كل القطاعات الفئوية وفروع المؤتمر الوطني بالولايات لفكر الحركة ومنهجها ومفارقة السلطة القائمة علي الشمولية وكبت الحريات فما كان من قواعد الحركة الاسلامية تتقدمها قياداتها التاريخية الا الاصطفاف خلف قائدها وتجديد العهد مع الأمين العام لتجديد الفكر واصلاح المشروع الاسلامي الذي انحرف به السلطان بعد التمكن منه .مما أصاب النظام بهستيريا جعلته يضيق علي المؤتمر الشعبي منكلاً به ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
منذ تأسيس المؤتمر الشعبي بعد المفاصلة الشهيرة في الرابع من رمضان أخذ يطرح البرامج المستجدة والحلول لبعض قضايا البلاد اقتصادها ومعالجته وأمنها وسلامته ومجتمعها وتناصره .وخلال هذه المسيرة التي امتدت اثني عشر السنين تدرج الاستاذ / كمال عمر عبدالسلام المحامي في أمانات الحزب ومن أشهر المناصب التي تقلدها الأمانة العدلية والتي أظهر فيها نشاطاً وبراعة في الدفاع عن معتقلي الحزب وحقوقهم ثم تسلم أخيراً الأمانة السياسية في دورتين متتاليتين مما دل عن رضا قيادة الحزب عن أدائه وفي خلال هذه الفترة أظهر الاستاذ / كمال عمر ملكات عالية واجادة رفيعة في التعبير عن مواقف الحزب السياسية منفرداً أو من خلال تحالفه مع القوى السياسية في تجمع جوبا أو تحالف الاجماع الوطني فيما بعد.ولأن النظام لا يطيقه سماع صوت الحق مثل له الاستاذ / كمال عمر مصدر ازعاج وقلق مستمر استمرار نشاطه الدؤوب وتصريحاته الواضحة وفضحه لسياسات النظام وخطلها مما جعل النظام يخاشنه كثيراً للحد من حركته مرةً بالاعتقال وأخرى بالمحاكمات الملفقة ولكن في كل مرة يخرج فيها الاستاذ/ كمال عمر من معتقل أو سجن يكون أكثر قوة وصلابة في مواقفه تجاه النظام وهذا لعمري دلالة علي أصالة معدنه وقوة ايمانه بالله أولاً وبفكر وبرامج المؤتمر الشعبي .مما أفقد النظام بوصلته في التعامل معه فأطلق آلته الاعلامية التي فشلت في التغطية علي نشاطه هذا وكيف أن قواعد الحزب تتباشر به ان كان ظهوراً في الاعلام والقنوات الفضائية وتتلقف قراةً أخباره أو مشاهدة لقاءاته أوحضور ندواته فتردد تصريحاته وتتداولها فيما بينها فاضحاً فيها النظام ويعريه أمام جمهور الشعب لسوداني الذي أصبح يطلب الاستاذ/كمال عمر اي صار تحلية كل منشط للقوى السياسية لترتفع وتيرة ارتباك النظام فجعل يطلق عليه الشائعات ويلصق به الأوصاف حتى يقتال شخصية المحامي الجسور لكن هيهات .حتى تلقفت القفاز أخيراً صحيفة الانتباهة ليصبح الرد علي كل حركة للاستاذ وتصريح له مادة راتبة في الصحيفة وأطلقوا عليه مرة الشيوعي المزروع في أحشاء الشعبي وعندما بارت تجارتهم قالوا هو مؤتمر وطني ليدمر المؤتمر الشعبي فضحك الشعبي حتى بانت نواجزه .ثم صاروا يستعطفون قواعد وشيوخ الشعبي كيف لهم السكوت علي كمال عمر ومادروا أن قيادة الشعبي صوتت بالاجماع ثلاث مرات حين عرض عليهم ليتولى الأمانة فرفع الشيوخ أياديهم بالمباركة وبصم الشباب والطلاب وقبلهم المجاهدون علي أمانته وحسن ادارته للشأن السياسي في الشعبي كما برع سابقاً في الأمانة العدلية .كما ظلت الانتباهة تقول أن الاستاذ/كمال عمر غير معروفاً قبل المفاصلة فنقول يكفيه رضا الجميع في الشعبي عنه فهذا نهج الحركة الاسلامية فالطريق لمن صدق وليس لمن سبق .قبل أن نتساءل وهل كان معروفاً علي عثمان قبل أن يأخذ د.الترابي بيده ويقدمه الصفوف وهل كان يعرف أمثال نافع علي نافع وقطبي المهدي وهل يعرف الطيب مصطفى والصادق الرزيقي قبل الانقاذ بل قبل المفاصلة . ولأن الاستاذ/كمال عمر صاحب فكرة موجوعاً علي خيانة البعض لها ظل يدافع عنها وينافح ولا يريد مناً ولا شكورا حتى أعجز الدولة وسلطانها من الحد من نشاطه كما عجزت النائحة المستأجرة (الانتباهة) في الدفاع عن النظام وتحسين صورته مما جعلها تستجدي المجاهدين وشيوخ الشعبي الذين خذلوهم بتأييدهم له .حفظك الله أخي الاستاذ/كمال عمر وجعلك ذخراً للدين والوطن ولك العتبى ان ذكرتك بما لاتحب .ودمت
م. اسماعيل فرج الله
عطبرة مارس2012

الثلاثاء، 20 مارس 2012

كلهم تركوا السياسة



بسم الله الرحمن الرحيم
كلهم تركوا السياسة
بعد انتفاضة ابريل 1985م طرحت الجبهة الاسلامية القومية برامجاً طموحاً مؤصلاً علي الدين انفتحت به علي الشعب السوداني فوجدت التأييد والسند وحينها كنا طلاباً نعمل ضمن الاتجاه الاسلامي رافد الجبهة الطلابي في مجموعة متجانسة تعمل بصدق وتجرد . وعند قيام ثورة الانقاذ الوطني 1989م كانت هذه المجموعة أول المندفعين الي ميادين الدفاع الشعبي  للتدريب ومن ثم انضموا الي كتائب المجاهدين المتجهة للعمليات فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً .
الي أن جاءت المفاصلة بين الاسلاميين في الرابع من رمضان لينقسموا بين شعبي ووطني ولأنا كنا طلاب جامعات في بداية التسعينات تكرر ذهابنا الي مناطق العمليات وبعد التخرج تفرغنا للعمل الاسلامي العام فلم نتردد في اختيار الحركة وجهة لنا وفارقنا السلطان وفاءاً لقيمنا ومنهجنا .وهذا لم يمنعنا من أن يكون لنا صلات مع بعض من جمعنا بهم الجهاد والعمل الاسلامي ممن اختاروا السلطة جانباً فاحترمنا خيارهم بنصرة المشروع الحضاري وعدم تركه مهما كانت المبررات . وبعدما فعل بنا الزمن فعلته وتفرق بنا فما عدنا نلتقيهم ويكفينا تصيد أخبارهم وان سمحت الظروف نزورهم في مواقع العمل تارةً وفي المنزل تارةً أخرى لدواعي اجتماعية كعادة السودانيين وغالباً ما نفعلها في الأحزان فالمأتم لايحتاج لدعوة أو اذن مسبق .وليتها لم تسمح الظروف وظلت تلك الصورة الزاهية عالقة بأذهاننا ولم تخدشها حوادث الأيام التي كنا في بداياتها نجد لهم العذر فمرة ً نقول هم مشغولون وأخرى ندعي أن موقفنا السياسي المعارض يسبب لهم حرجاً فنسامحهم ولكن قطرات المطر تنحت الصخر .ولأنا نعرفهم أصبحوا يتحرجون من استفساراتنا عن أحوالهم وما عادوا يرغبون في وصالنا فأصبحت عبارة(أنا خليت السياسة) كلما سألتهم عن حال الدولة والمشروع الحضاري الذي ادعوا مناصرته بوقوفهم مع السلطان ويؤكد تفرغه لشركته وتجارته أو التزامه بوظيفته ولا يفكر خارجها .ولكن في غمرة اصرارهم علي تركهم السياسة نسوا أنهم ما جلسوا علي كرسي الوظيفة بكثير مؤهلات ولاربحت تجارتهم ونمت شركاتهم لشطارتهم بل كل ذلك بتصنيفات السياسة ولأن مراكز القوة لايريدون غير هؤلاء قربوهم ومكنوا لهم في مفاصل الخدمة العامة وارتقوا أعلي السلم الوظيفي أو شاركوهم شركاتهم وأجزلوا لهم العطاء ات وقاسموهم الربح . وفي مرة وأنا أزور احدى الشركات العامة الخاصة سألت مديرها عن حال البلاد الاقتصادية فكانت اجابته أنه لا يعرف شيئاً غير شركته وشغله فلم تقنعني ردوده فأنا لم أسأله الا في مجال عمله ولم أسأله عن الحزب وسياساته ولا عن الحرب وأخبارها ولا المفاوضات ونتائجها عندها احسست أني ثقيل عليه فمثلي غير مرغوب في حديثه ولا الدردشة معه فلملمت أطرافي وزلفت الي أحد مكاتب الشركة علي وعد سابق مع أحد الأخوة حال انقضاء جلستي مع المدير (أخونا زمان) أن أزوره في مكتبه وبعد أن خيرني ما بين الشاي والكركدي الساخن واخترت أيهما لا أذكر سألته عن أهله وعشيرته لاني أعرفهم فطأمأنني عليهم أبديت رغبتي في زيارتهم في البيت لأني قد يطيب لي المقام بالخرطوم حيناً حينها استدرك يوصف لي مكان سكنه ويشرح كيف أنه امتلك منزلاً بضواحي الخرطوم وبناه من دعم الشركة للموظفين من بند السلفيات ولأني لي بعض علم بلوائح الخدمة المدنية سألته وكيف تعطيك الشركة سلفية مباني وأنت لم تقضي بها غير بضع سنين والشركة نفسها تتلمس خطاها في السوق .فاجأني بمبرر آخر وليته سكت حيث قال هم انشأوا صندوق خيري للعاملين بالشركة والسيد المدير يدعم هذا الصندوق الذي دعم كل مدير ادارة بمبلغ للمباني ويخصم الباقي بالأقساط لتسترده الشركة وبعملية حسابية بسيطة اجريتها سريعاً علمت يجب عليه أن يعمل بهذه الشركة ستون عاماً اذا دفع كل مرتبه لسداد الأقساط .فتركت نفسي للحيرة وخرجت.
ولأني دروش مستغرق في التأريخ قادتني قدماي لزيارة أحد الأخوان الذي كان أميرنا في العمل الطلابي كما نسميه ولا نذكر اسمه الا بعد أن نزينه بلقب الشيخ كما أني مطلع علي حاله قبلاً وأعلم أنه عين مديراً لادارة في مؤسسة سيادية لايتجاوز راتبه المليون كثيراً(بالقديم) مع بعض المخصصات من عربة وايجار منزل فقد زرته في أكثر من منزل لكثرة تنقله من الايجار ولكن هذه المرة بعد أن هاتفته أعلمني أنه انتقل الي منزل يملكه بعد أن اشتراه وعمل به بعض الصيانات فوجدتني أقف قرب عمارة ذات ثلاث طوابق يواجهها منزل قديم لا توجد عليه آثار للصيانة فلم أتردد في الوقوف عنده ولكني أحترت فراجعته أن المنزل ليس به صيانه ,فأكد لي أن ما يعنيه العمارة ذات الثلاث طوابق وليس المنزل المقابل لها .فقصدتها أجرجر قدماي من الدهشة وهول هذه النعمة المفاجئة التي حلت بالشيخ القديم .وقبل أن أفيق من الصدمة عاجلني بخادمة من احدى دول الجوار الشرقي صغيرة حسنها فائق ومفاتنها بارزة لن تستطيع أن تغض البصر فأنت بين خيارين فلم أجد بداً من أن أغمض عيني كلما دخلت تقدم لي بعض الاكراميات .ولأن مثلي لايستطيع أن يكبت دواخله سألته مباشرة من أين له هذا فعمله لا يستطيع أن يبني به منزلاً ناهيك عن هذا القصر وطمأنته بثقتي فيه بأنه ليس فاسداً.فألقمني بجواب لم استطع التعليق عليه حالاً ولكني سألت بعض الاخوة عن رأيهم الفقهي فيما ذهب اليه شيخنا السابق. حيث قال أن بعض الرفاق الذين يعملون في بعض المؤسسات والوزارات والشركات رثوا لحاله فجمعهم كبيرهم في جلسة غداء وكان القصر نتاج التبرعات العينية والمادية والتزام مديره المباشر بمخصصاته وعلاواته تدفع مقدماً لسنتين والأثاث من شرق آسيا استعصت الفتوى علي اخوتي ولكنهم ذكروا لي كيف أن القوم صاروا عبيداً للوظيفة وفقراء للمال العام يتذللون لحكامه ليعطوهم ولن يفعلوا الا بعد تطويعهم وضمان سندهم ويجملوا صورة المشروع ببعض تاريخهم وان دعا الأمر لحية وشال وكفى .فذاك الشيخ الذي يملأ المنابر والساحات دعوة ووعظاً ما عاد له غير عربة لا يملك وقودها ولا يقدر علي صيانتها وترخيصها فيتودد مذلولاً لينال حفنة دنانير بعد أن فقد هيبته ووقاره عند الناس فلا يستطيع الفكاك .ولظني الخير في كل من حدث نفسه بالجهاد يوماً لنصرة الدين والدفاع عن الوطن وحرماته استبشرت خيراً بصفحة تجمع المجاهدين علي الفيس بوك باسم السائحون فدخلتها وصادقتهم ويوماً كتبت معلقاً علي أحداث الربيع العربي فكان أن أقرزني أحدهم بأن هذه الصفحة ليس للسياسة ,وبعد غصة اعترضت حلقي مسحت دموعي وانسحبت أندب كيف صارت سيرة الشهداء تسلية وكيف أصبح الجهاد سبة وسألت نفسي هل عندما تجند هؤلاء في ميادين الدفاع الشعبي ثم تحركت الكتائب واصطف المجاهدون واختار الله منهم الشهداء الذين نجتر سيرتهم ألم يكن ذلك من أجل حرية القرار وسلامة العقيدة وأمن الوطن وهذه السياسة يا ليت قومي يعلمون .ولكن الناظر الي صورهم في هذه المجموعة تعلم أنهم لا يقووا علي قول كلمة حق فقد رضوا بالدنيا وتقبل الله الشهداء .ولأن القوم ضليعين في التأصيل وفاقوا بني اسرائيل في لحن القول ولو لا تعهد الله سبحانه وتعالي بحفظ القران لا متدت أياديهم الي آي القرآن بعد أطوعوها ليستشهدوا بها في حديثهم عن مشروعهم ورساليته ودولتهم واسلاميتها ولكن الله غالب علي أمره.
م. اسماعيل فرج الله
عطبرة 10مارس2012م