بسم الله الرحمن الرحيم
هل يسلم البشير الانقلابيين السلطة
ثورة الانقاذ عند استلامها السلطة في ال
30يونيو89 اجتهدت ان تظهر نفسها كتغيير يقوده ضباط لا نتماء لهم غير عقيدة الجيش . ولكن الأيام كشفت حقيقة
الانقلاب الذي دبره ونفذه الجناح العسكري للجبهة الاسلامية القومية الحزب الثالث
في الساحة السياسية حينها اثر خلاف مع قائد الجيش في ذلك الوقت حول استمرار الجبهة
الاسلامية في الحكم متحالفة مع حزب الأمة القومي ، وما لبث الانقلابيين أظهروا
توجهاتهم الاسلامية وطرحوا برنامجهم للحكم الذي اسموه المشروع الحضاري والذي يقوم
على تطبيق الشريعة الاسلامية مما جعل امريكيا والدول الغربية تناصب السودان العداء
وتسعى لاسقاط النظام الاسلامي الناشئ بمعاونة الدول الاقليمية من حوله وذلك برعاية
ودعم حركات التمرد الداخلية والحصار والعقوبات الخارجية ، ولمواجهة ذلك استنفر
النظام قواعده وعموم المواطنين بعقيدة دينية تدعو للجهاد ضد الخارج الغازي وخطاب
وطني ضد الداخل المتآمر وخاض طوال عشرة
سنين حرب شرسة ضد التمرد الجنوبي المدعوم دولياً وفي بعض الأحايين التدخل المباشر
من أمريكا لتوجيه ضربات للنظام لأنهاك قدراته .
وبتطور الاحداث وينشق النظام على نفسه الي
شعبي ووطني ليجد البشير نفسه يخوض حرباً جديدة وشرسة مع الحركات المسلحة
الدارفورية باتهام دعمها من الشق الآخر من الاسلاميين ليظن النظام أن بقاءه في
القضاء على المتمردين الدارفوريين ليضربهم بغير هواده ومن غير تروي حتى يجد البشير
نفسه مطلوباً للمحكمة الجنائية الدولية متهماً بجرائم حرب ومعه قياداته المدنية
النافذة والعسكرية النشطة ، ليتعرض لضغوط شديدة ينفصل على اثرها الجنوب على أمل
وقف الحرب في دارفور ورفع الحصار الخارجي وتكافئه أمريكيا برفع اسم السودان من
الدول الراعية للارهاب فيكون مؤهلاً بعدها لاعفاء الديون ومعالجة قضية أمر القبض
للرئيس البشير وبهذا الأمل أعلن البشير الجمهورية الثانية يعد فيها الاسلاميين
بتطبيق الشريعة الغير مدغمسة والسودانيين بالتنمية والرخاء ولكنه دلق ماءه ليجد
السراب ، وتزيد ثورات الربيع العربي الحال سوءاً فتضجر الأعوان من الكبت والفساد
واحتج المواطنين على الظلم والغلاء ليضيق الخناق على النظام حصار خارجي وتفرق وضعف داخلي ويزيد
الطين بلة مرض الرئيس المفاجئ ليخلط أوراق اللعبة ويصبح الهم في الرئيس نفسه وسلامته
ولكن ليس من تعافيه عن المرض ولكن بعد ثبوت عجزه عن ادارة الدولة وقبل أن يحكم
عليه بعدم الأهلية يجب عليه ترتيب الأدوار
من جديد فهو يحتاج لاعبين من طراز معين فهو يحتاج لأصحاب الولاء الصادق فكل
من يفكر ويوازن غير مطلوب في هذه المرحلة وأن يكونوا في ذات الوقت أصحاب مقبولية
وشعبية مع رضا المؤسسة العسكرية عنهم ، وبنظرة فاحصة وجد أن المدنيين من أهل
النظام انعدم فيهم من يملك هكذا مؤهلات للمرحلة ،ولكن سنين الحرب أفرزت قيادات
عسكرية ذات بعد شعبي بما كسبته من احتكاك وعمل مع المجاهدين أيام العمليات والذين
أصبحوا(أي المجاهدين) يمثلوا قوام العمل التنظيمي والحزبي في النظام والمدني في
الدولة ، ولكن كعادة الأنظمة الشمولية تتجه الى الأهل والأقارب ان كان الأمر يتعلق
بالحماية والثقة ،فوجدت الضالة في مجموعة الانقلابيين الأخيرة الذين تنطبق فيهم
المواصفات السابقة ذائداً كونهم من نهرالنيل مسقط رأس البشير وفي أسوأ الأحوال من
الوسط النيلي بل فيهم أكثرمن واحد من قرية واحدة ، ولكن كلهم غلبت عليهم المقبولية
الداخلية والرضا العسكري ولأن العملية برمتها مربوطة بالتسويات الخارجية لابد من
عنصر يملك البعد الدولي وممتد العلاقات الخارجية ويستطيع أن يقود المفاوضات
الخارجية بقية الوصول لتفاهمات حول الجنائية الدولية وعدم ملاحقة الرئيس بعد تنحية
أو الضغط على السلطة الجديدة لتسليمه ، فليس أنسب من الفريق صلاح عبد الله قوش
مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق ورجل أمريكيا القوي في المنطقة خصوصاً بعد مقتل
اللواء عمر سليمان رجل مبارك السابق والمخابرات الامريكية تعرف الفريق صلاح قوش
ابان تعاونه معها لمكافحة الارهاب في القرن الأفريقي وهو من اشار في جلسة سابقة
بالرئيس البشير أن يتنحى لتخفيف الضغط على البلاد مقابل حمايته وعدم تسليمه حين
سئل عن الحل والتي دفع ثمناً لها اقالته واقصائه من مؤسسات النظام ولم تشفع
له شورته الاحتفاظ بالورقة. وبهذا تكون
التشكيلة مثالية في كل أبعادها خاصة مشاركة القيادات التنظيمية الاسلامية داخل
الجيش مما يضمن ايفائها بالتزامها بحماية الرئيس البشير ولكن كحال تعقيدات الشان
السوداني غاب عن تشكيلها التمثيل الاقليمي الذي بات عنصراً مهماً في السياسة السودانية
اليوم فلن يتم استقرار بدونه ولعله يتم
استدراكه ان كان هناك مشاورات جارية ويبقى السؤال المهم الذي يجب ان يرد عليه
الانقلابيين الجدد كيف سيعالجون قضية الهامش والسلام مع الحركات المسلحة التي
تتقاطع أجندتها مع الجند الرئيس بحماية البشبر؟ وكيف سيخاطبون القوى السياسية التي
لن ترضى بغير عدالة كاملة وحرية حقيقية مع موقفها الرافض للانقلاب العسكري مع
يقيني أن هكذا حل سيقبل به القوى التقليدية ويبقى التحدي مع التيارات الحديثة
باقناعها بجدوى الخطوة لمصلحة التغيير وخير الوطن ؟ وما بعد المسافة التي ستحفظها
بينها والمؤتمر الوطني الذي منتظراً منه التوافق مع الحركة الاسلامية (الكيان
الخاص).في ظل الوضع الجديد؟ .
م. اسماعيل فرج الله
عطبرة 2012-11-25